في خطوة تهدف إلى توضيح الإطار القانوني الذي ينظم العلاقة بين البائع والمشتري، أكدت الهيئات المعنية بحماية المستهلك على أن حق المستهلك في استبدال السلعة أو استرجاعها ليس حقاً مطلقاً، بل تحكمه ضوابط وشروط محددة تضمن العدالة لكلا الطرفين.

 

وفي حين أن القاعدة العامة تمنح المستهلك فترة محددة، غالباً ما تكون 14 يوماً، لمراجعة قراره الشرائي، إلا أن هناك سبع حالات رئيسية استثناها القانون من هذه القاعدة، وذلك لطبيعة السلع أو الخدمات المقدمة.

 

إن فهم هذه الاستثناءات لا يقل أهمية عن معرفة الحقوق نفسها، إذ يساهم في تجنب النزاعات المحتملة ويؤسس لعملية تجارية شفافة وواضحة منذ البداية، ويعزز ثقافة شرائية واعية لدى جمهور المستهلكين.

 

السلع ذات الطبيعة الخاصة والعيوب الواضحة

 

تأتي في مقدمة هذه الاستثناءات السلع التي قد تتعرض للتلف السريع أو يتغير وضعها بمرور فترة قصيرة.

 

وتشمل هذه الفئة المنتجات الغذائية سريعة التلف كالخضروات والفواكه والألبان، بالإضافة إلى الزهور والنباتات.

 

والعلة في ذلك منطقية، حيث إن إعادة هذه السلع بعد فترة قد يجعلها غير صالحة للبيع مرة أخرى، مما يكبّد التاجر خسارة محققة.

 

والحالة الثانية ضمن هذا السياق تتعلق بالسلع التي يتم بيعها وهي تحمل عيباً واضحاً، شريطة أن يكون المستهلك على علم تام بهذا العيب عند إتمام عملية الشراء.

 

فإذا قام البائع بتوضيح العيب للمشتري، وقَبِل الأخير شراء السلعة على حالتها الراهنة، غالباً مقابل سعر مخفض، فإنه لا يحق له المطالبة باستبدالها أو استرجاعها بسبب هذا العيب تحديداً في وقت لاحق.

 

المنتجات ذات الاستخدام الشخصي والبرامج الرقمية

 

يضع القانون قيوداً مشددة على إرجاع المنتجات التي تمس النظافة الشخصية والصحة العامة.

 

وبناءً عليه، يُحظر استرجاع أو استبدال الملابس الداخلية، ملابس السباحة، مستحضرات التجميل، وأدوات الحلاقة بعد شرائها، وذلك لمنع انتقال الأمراض وضمان سلامة المستهلكين الآخرين.

 

وينطبق الأمر كذلك على الكتب والصحف والمجلات، حيث إن طبيعتها المعرفية تجعل قيمتها تُستهلك بمجرد القراءة والاطلاع.

 

أما في العالم الرقمي، فإن البرامج الحاسوبية والأسطوانات المدمجة (CDs/DVDs) التي تم فض أختامها لا يمكن إرجاعها، والسبب في ذلك هو حماية حقوق الملكية الفكرية ومنع النسخ غير المشروع للمحتوى الرقمي، حيث يعتبر فتح الغلاف بمثابة استخدام للمنتج.

 

السلع المصنعة خصيصاً والخدمات المنفذة

 

تشمل الاستثناءات أيضاً السلع التي لا يمكن للبائع إعادة بيعها بسهولة لمستهلك آخر.

 

وأبرز مثال على ذلك هي السلع التي تُصنّع بناءً على مواصفات خاصة يحددها المستهلك، مثل الأثاث المصمم بقياسات معينة، أو الملابس المفصلة حسب الطلب، أو المجوهرات المنقوش عليها أسماء أو تواريخ محددة.

 

في هذه الحالات، يكون المنتج قد صُنع خصيصاً لعميل بعينه، مما يجعل إمكانية إعادة تسويقه شبه مستحيلة.

 

وأخيراً، يمتد هذا المبدأ ليشمل الخدمات التي تم تقديمها وتنفيذها بالفعل.

 

فإذا تعاقد المستهلك على خدمة معينة، كخدمات الصيانة المنزلية أو الاستشارات المهنية أو حجوزات الفنادق وتذاكر الطيران التي تم استخدامها، فإنه لا يمكنه المطالبة باسترداد قيمتها بعد الحصول عليها، لأن الخدمة تكون قد استُنفذت بالكامل.

 

ختاماً، تهدف هذه الاستثناءات القانونية إلى خلق توازن ضروري في السوق، يحمي حق المستهلك في الاختيار والتراجع عن قراره في الحالات المنطقية، وفي الوقت ذاته يحفظ حقوق التجار ويحميهم من الخسائر غير المبررة الناتجة عن طبيعة بعض المنتجات والخدمات.

 

وينصح الخبراء المستهلكين دائماً بالاستفسار عن سياسة الاستبدال والاسترجاع الخاصة بالمتجر قبل إتمام عملية الشراء، خاصة عند التعامل مع السلع التي تندرج ضمن هذه الفئات السبع، لضمان تجربة تسوق إيجابية وخالية من أي سوء فهم.

 

"إن التشريعات المنظمة لحقوق المستهلك تسعى إلى تحقيق توازن دقيق.

 

فبينما تمنح المستهلك ضمانات قوية، فإنها تحمي أيضاً التاجر من الممارسات التي قد تؤدي إلى خسائر غير عادلة.

 

هذه الحالات السبع المحددة قانوناً هي خير مثال على هذا التوازن، حيث تمنع استغلال سياسات الاسترجاع في غير مواضعها الصحيحة، مما يضمن استقرار واستدامة السوق للجميع."

 

— خبير قانوني في شؤون حماية المستهلك

---