في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، تبرز مجموعة البريكس كأحد التحالفات الاقتصادية البارزة، حيث تسعى لتفعيل التبادل التجاري بين أعضائها باستخدام العملات المحلية، وهو ما قد يسهم في دعم قوة الجنيه المصري ويقلل الضغط على الطلب على الدولار، وأكد العديد من الخبراء الاقتصاديين، الذين تحدثوا إلى "مصراوي"، أن هذا الاتجاه سيفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي ويزيد من معدلات التبادل مع الدول الأعضاء.
خلال قمة البريكس المنعقدة في مدينة قازان الروسية، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه الفعالية لأول مرة بعد انضمام مصر الرسمي إلى المجموعة، وكان قد تم قبول مصر كعضو في مجموعة البريكس في يناير الماضي، إلى جانب الإمارات وإيران وأثيوبيا، بينما لم يتضح مصير انضمام السعودية حتى الآن.
تقليص هيمنة الدولار
أشار أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إلى أن اتجاه مجموعة البريكس لتقليل الاعتماد على الدولار سيسهم بشكل إيجابي في دعم الاقتصاد المصري، خاصة في ظل الأزمة الحالية في مدخلات الدولار، وأكد خزيم على ضرورة زيادة الصادرات المصرية لتحقيق أكبر استفادة من الانضمام إلى هذا التكتل الاقتصادي، مما سيساعد على تعزيز الإنتاج المحلي.
يمثل التكتل فرصة لإحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار، حيث تزايدت النقاشات حول هذا الموضوع بعد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار بالإضافة إلى زيادة تكاليف السلع المسعرة بالدولار.
أهمية التعاون مع الدول الأعضاء
أوضح خزيم أن التركيز فقط على الحصول على قروض من بنك التنمية الجديد قد يزيد من الأعباء المالية للدولة، وبالتالي يجب على مصر استغلال موقعها الجغرافي لتعزيز الاستفادة من مجموعة البريكس، التي تستهدف دعم الدول الصغيرة والمتوسطة، وبما أن مصر تقع في دائرة هامة تشمل الدول العربية والأفريقية، فإن هناك إمكانيات كبيرة لتوسيع التعاون.
تأسست مجموعة البريكس وبنك التنمية الجديد في عام 2015 كبديل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو ما يسهم في زيادة تأثيرها في السياسة الاقتصادية العالمية، وتسعى مصر حالياً للحصول على قرض ميسر تبلغ قيمته مليار دولار من بنك التنمية الجديد يُتوقع الحصول عليه قبل نهاية عام 2024
خطوات نحو عملة موحدة
أشار علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إلى أن تعزيز التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية سيؤدي إلى زيادة التعاون التجاري بين الدول الأعضاء، مما يمهد الطريق لإمكانية وجود عملة موحدة للمجموعة، وعلى الرغم من أن هذه الفكرة تعد مشروعاً طويلاً، إلا أن تحقيقها يعتبر تحدياً كبيراً في الوقت الحالي.
كما تسعى مجموعة البريكس لإنشاء منصة استثمارية جديدة للدول الأعضاء، وهو ما عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة، حيث أيد جميع قادة المجموعة هذا التوجه، ويعتبر هذا الأمر خطوة هامة نحو زيادة معدلات الاستثمار بين الدول الأعضاء.
تعتبر مجموعة البريكس نقطة تحول في التعاون الاقتصادي الدولي، حيث تسعى لتقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز التبادل التجاري بين الأعضاء، ومن خلال تبني العملة المحلية، يمكن لمصر ودول البريكس الأخرى تعزيز استقرارها الاقتصادي ومواجهة التحديات الجيوسياسية والتغير المناخي.