في لحظات السكون التي تسبق شروق الشمس، ومع تباشير فجر يوم الخميس الموافق 21 أغسطس 2025، صدحت حناجر المؤمنين بالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، مستلهمين روحانية هذا الوقت المبارك. فدعاء الفجر، كما يؤكد العلماء، يمثل ركنًا روحيًا هامًا في حياة المسلم، حيث يلتقي فيه نور الإيمان بصفاء النفس، وتتجسد آيات الرجاء في استجابة الدعوات.

تتزايد أهمية الدعاء في أوقات الشدة والرخاء، فهو الصلة الوثيقة التي تربط العبد بربه، ومصدر الطمأنينة والسكينة في قلبه. ويزداد الإقبال على الدعاء في أوقات الفجر، لما لهذا الوقت من فضل عظيم وبركة، حيث تتنزل الرحمات وتستجاب الدعوات. وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على اغتنام هذا الوقت بالذكر والدعاء.

أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، مستندين إلى أحاديث نبوية صحيحة تؤكد على فضل هذا الوقت. ففي كتاب الترمذي، روي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الدعاء أسمع؟ قال: "جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِر، وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ المَكْتوبات". كما روي في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كنتُ أعرفُ انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير".

ومن بين الأدعية التي يحرص المؤمنون على ترديدها في فجر هذا اليوم: "اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا وترزقنا فيه القبول والرضا والتوفيق والسداد، اللهم أنت أعلم بنا منا فوفقنا لما تحبه لنا. اللهم أجعل لنا نصيبًا فى سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات وإجابة الدعوات، اللهم لطفك بقلوبنا وأحوالنا وأيامنا، اللهم تولنا بسعتك وعظيم فضلك إنك على كل شيء قدير".

إن دعاء الفجر ليس مجرد كلمات تردد، بل هو تعبير صادق عن حاجة الإنسان إلى ربه، وتفويض كامل لأمره إليه. ففي هذا الوقت المبارك، يتضرع المؤمنون إلى الله بأن يغير حالهم إلى أحسن حال، وأن يسخر لهم ما يعلم أنه خير لهم، وأن يصرف عنهم كل شر. إنه وقت الرجاء والأمل، حيث تتجدد العزائم وتستنير القلوب بنور الإيمان.