يزخر تاريخ كرة القدم المصرية بالعديد من الأندية الجماهيرية التي تركت بصمة واضحة في الذاكرة، قبل أن تتراجع وتغادر أضواء الدوري الممتاز، لتستقر في درجات أدنى دون أن تتمكن من العودة مجددًا.
هذه الأندية، التي كانت تمثل جزءًا أصيلًا من هوية مدنها وتستقطب الآلاف من المشجعين، باتت حكاياتها تثير الحسرة في قلوب محبيها.
فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور؟ وكيف يمكن لهذه الأندية استعادة أمجادها الغابرة؟ هذا ما سنستعرضه في هذا التقرير.
الترسانة: "الشواكيش" التي فقدت بريقها
نادي الترسانة، أحد أعرق الأندية المصرية، يمثل رمزًا للفترة الذهبية للكرة المصرية.
بتاريخ حافل بالإنجازات، أبرزها الفوز بلقب الدوري المصري مرة واحدة وعدد من ألقاب كأس مصر، كان "الشواكيش" يتمتعون بقاعدة جماهيرية عريضة، وقدموا العديد من النجوم للكرة المصرية.
إلا أن الفريق يعاني منذ سنوات طويلة من الابتعاد عن الدوري الممتاز، وتتلاشى آمال عودته مع كل موسم يمر.
تعاقب الإدارات وتغيير المدربين لم يفلح في إعادة الفريق إلى مكانه الطبيعي بين الكبار، لتظل ذكريات الماضي هي العزاء الوحيد لجماهيره.
المنصورة: ممثل الدقهلية الذي غاب عن الأنظار
نادي المنصورة، ممثل الدقهلية، كان دائمًا من الأندية التي تتمتع بشعبية جارفة وتنافسية عالية، واشتهر الفريق بتقديمه للعديد من اللاعبين الموهوبين، وكانت مبارياته دائمًا ما تشهد حضورًا جماهيريًا كبيرًا.
المنصورة لم يتمكن من العودة إلى مصاف أندية الدوري الممتاز منذ هبوطه، على الرغم من المحاولات العديدة.
يعاني الفريق من مشاكل مالية وإدارية تعيق تقدمه وتمنعه من المنافسة بقوة على الصعود.
الجماهير المخلصة ما زالت تحلم بالعودة إلى الأضواء، ولكن الواقع يفرض نفسه بصعوبة.
المنيا والأولمبي والسويس: حكايات متشابهة من الإهمال
يُعد نادي المنيا من الأندية الجماهيرية في صعيد مصر، وكان له حضور بارز في الدوري الممتاز لسنوات، واستطاع الفريق أن يخلق لنفسه مكانة بين أندية القمة في بعض الفترات، وكان يتمتع بدعم جماهيري لا يتوقف.
أما نادي الأولمبي بالإسكندرية، أحد الأندية العريقة في تاريخ كرة القدم المصرية، فقد توّج بلقب الدوري المصري مرة واحدة.
ونادي السويس، ممثل محافظة السويس الباسلة، كان له مكانة خاصة في الكرة المصرية، وقدم العديد من اللاعبين الكبار، واشتهر الفريق بروحه القتالية وقدرته على تحقيق المفاجآت.
هذه الأندية الثلاثة تشترك في مصير واحد، وهو الابتعاد عن الأضواء والمعاناة من الإهمال والتهميش.
المنيا، الأولمبي، والسويس لم يتمكنوا من الحفاظ على مكانتهم في الدوري الممتاز، ويعانون الآن في الدرجات الأدنى، في ظل غياب الدعم المالي والإداري.
التحديات والحلول: كيف تعود الأندية الجماهيرية إلى مكانها الطبيعي؟
هذه الأندية، وغيرها الكثير، تعكس جانبًا من التحديات التي تواجه الأندية الجماهيرية خارج القاهرة والإسكندرية، والتي غالبًا ما تعاني من نقص الدعم المالي والإداري الذي يمكنها من الصمود أمام أندية الشركات أو تلك التي تحظى بدعم أكبر.
الحل يكمن في تبني استراتيجيات جديدة تعتمد على الاستثمار في قطاع الناشئين، وتطوير البنية التحتية، وجذب الرعاة، وتحسين الإدارة.
كما يجب على الدولة والاتحاد المصري لكرة القدم تقديم الدعم اللازم لهذه الأندية، من خلال توفير التمويل والخبرات الفنية والإدارية.
عودة هذه الأندية إلى الدوري الممتاز ليس مجرد هدف رياضي، بل هو ضرورة للحفاظ على تاريخ الكرة المصرية وهويتها.