مع اقتراب الذكرى السنوية لثورة 30 يونيو، تستعيد مصر روح هذا اليوم الذي مثّل لحظة فارقة في تاريخ الوطن. نسترجع معها مشاهد خروج ملايين المصريين إلى الشوارع في واحدة من أكبر الحركات الشعبية في تاريخ مصر الحديث، معلنين رفضهم لحكم جماعة الإخوان الإرهابية ومطالبين باستعادة الدولة من براثن مشروع كان يهدد بتفكيكها وإضعاف مؤسساتها. لم تكن 30 يونيو مجرد يوم في التقويم، بل كانت صرخة مدوية هزت أركان السلطة وأعادت صياغة المشهد السياسي والاجتماعي في مصر.

 

لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد حركة احتجاج ضد الإخوان، بل كانت تعبيرًا صريحًا عن وعي شعبي متراكم أدرك خطورة المسار الذي كانت تسلكه البلاد. فقد بات واضحًا أن مشروع الجماعة الإرهابية لم يكن مشروعًا وطنيًا، بل أداة لتنفيذ أجندات خارجية تسعى لاختراق الدولة المصرية من الداخل. لقد كان وعي الشعب المصري هو السلاح الأمضى في مواجهة هذا الخطر الداهم، وهو الذي مهد الطريق نحو استعادة الهوية الوطنية والمسار الصحيح.

 

وكما كانت ثورة 25 يناير لحظة كسر حاجز الخوف، كانت 30 يونيو لحظة كسر احتكار السلطة باسم الدين. ولأن الجيش المصري لم يكن يومًا بعيدًا عن ضمير هذا الشعب، فقد انحاز إلى إرادته مُجسّدًا دوره التاريخي كحامي لإرادة الأمة وضامن لوحدة الدولة. إن انحياز الجيش لإرادة الشعب في 30 يونيو يمثل نقطة تحول تاريخية، أكدت على الدور الوطني للمؤسسة العسكرية في حماية مصر وشعبها.

 

منذ 30 يونيو، دخلت مصر مرحلة جديدة عنوانها: "ترسيخ الدولة الوطنية". وبدأت معركة استعادة مؤسسات الدولة وبناء بنية تحتية قوية وفتح مسارات الإصلاح الاقتصادي رغم التحديات الإقليمية والدولية، بل ومحاولات مستمرة من قوى خارجية لإشاعة الفوضى من جديد. لقد شهدت مصر خلال السنوات الماضية طفرة هائلة في المشروعات القومية والإصلاحات الاقتصادية، مما ساهم في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

 

قد يرى البعض أن المعركة السياسية اليوم أصبحت أكثر تعقيدًا والأدوات المستخدمة صارت أكثر تطورًا، ولم تعد أدواتها آلات الحرب الجبارة فقط، بل أيضًا أصبحت شائعات وحروب نفسية وضغوط اقتصادية. وهنا يبقى الوعي الشعبي هو الحصن الأول، وتبقى ذكرى 30 يونيو تذكيرًا دائمًا بأن الشعب المصري حين يقرر فإن إرادته تنتصر. ثورة 30 يونيو ليست مجرد ذكرى نحتفي بها، بل عهد متجدد بين الشعب ودولته: أنه لا عودة للتنظيمات ولا تراجع عن الدولة الوطنية ولا بديل عن الجمهورية الجديدة. إن المستقبل يحمل في طياته تحديات جمة، ولكن بالوعي والإرادة نستطيع تحقيق المزيد من التقدم والازدهار لمصرنا الحبيبة.

 

ثورة 30 يونيو ليست مجرد ذكرى نحتفي بها بل عهد متجدد بين الشعب ودولته: أنه لا عودة للتنظيمات ولا تراجع عن الدولة الوطنية ولا بديل عن الجمهورية الجديدة.