يشهد الشرق الأوسط تصعيداً خطيراً، يتجلى في التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران، والذي وصل إلى ذروته مع استهداف قاعدة "العديد" في قطر، وإن كان بشكل رمزي.
هذا التصعيد يؤكد أن المنطقة لا تزال في مرحلة حرجة وقابلة للاشتعال، مما يستدعي من القوى الإقليمية، وعلى رأسها مصر، إعادة تقييم حساباتها في ضوء المستجدات الراهنة.
تبرز في هذا السياق رغبة أمريكية إسرائيلية واضحة في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالحهما، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، مؤكداً على دور إسرائيل المحوري في صياغة مستقبل المنطقة.
يتجلى الموقف المصري في هذا المشهد المعقد بالتوازن بين الحذر والانخراط، وسط تحولات عسكرية وسياسية متسارعة. هذه السياسة المصرية تحظى بتقدير واسع، حيث يدرك الجميع أن الدبلوماسية المصرية تسير على خيط رفيع، ملتزمة بمواقفها التاريخية وساعية في الوقت نفسه للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية وتحقيق أمنها القومي.
تسعى مصر من خلال هذه السياسة إلى امتصاص تداعيات التصعيد دون الانخراط المباشر في الانحياز أو الاشتباك السياسي.
تؤكد مصر في ظل هذا التصعيد الملتهب أنها قوة إقليمية لا يمكن إخراجها من معادلة الحساب والنفوذ، مهما كانت الرغبات أو الطموحات. وقد أرسلت القاهرة رسالة واضحة للجميع مفادها أن التاريخ والجغرافيا والحضارة والثقل السياسي والاستراتيجي هي ركائز أساسية في صناعة المعادلات ورسم الخرائط.
تجسدت هذه الرسالة في الاتصالات المصرية المكثفة على الصعيدين الدبلوماسي الرئاسي والتقليدي، والتي جرت بين القاهرة وواشنطن وتل أبيب وطهران، بالإضافة إلى دول المنطقة الأخرى، بهدف خفض التصعيد وتجنب توسع رقعة الاشتباك إلى ساحات عربية أخرى.
إن إفشال أي سيناريو لفرض معادلات تحالفية جديدة يتطلب مواصلة موازنة المصالح بين القوى الإقليمية والدولية. وتلعب مصر دوراً محورياً في هذا السياق، فهي بمثابة القلعة الحامية للمنطقة، بفضل خبرتها الطويلة ونجاحاتها المتتابعة في صون حدودها والحفاظ على مصالحها دون الانخراط في نزاعات مباشرة.
تعتمد مصر على دبلوماسية هادئة وفاعلة، تسعى إلى تهدئة الأوضاع وتعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة، مع الحفاظ على موقفها الثابت تجاه القضايا الإقليمية.
ختاماً، يظل التحدي الأكبر أمام المنطقة هو تجنب الانزلاق نحو صراع أوسع، وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، وعلى رأسها مصر، من أجل تحقيق الاستقرار والسلام.
تؤكد مصر على أهمية الحلول السياسية للأزمات الإقليمية، وضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. كما تدعو إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مختلف المجالات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.