أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي المصري، أن التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران لم يكن مجرد حدث عسكري عابر، بل كان بمثابة صدمة كاشفة لمدى هشاشة النظام الإقليمي العربي. وأوضح سلامة أن هذه الأزمة أظهرت بشكل جلي كيف يمكن لأزمة بين طرفين غير عربيين أن تهز المنطقة بأسرها، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد كشف مكامن الضعف في البنية الإقليمية العربية. وأضاف أن هذا الوضع يستدعي وقفة جادة لإعادة تقييم دور الدول العربية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.
وأشار سلامة، في تصريحات خاصة، إلى أن النظام الإقليمي العربي، الذي يعاني من صراعات داخلية عميقة وتدخلات خارجية مستمرة، وجد نفسه في موقف حرج أمام هذا التصعيد. وأضاف أنه كان من المفترض أن تكون الدول العربية فاعلة في احتواء الأزمة وتشكيل موقف موحد، ولكن بدلًا من ذلك، ظهرت المواقف العربية متباينة، بين الإدانة، والقلق، والصمت. غياب التنسيق والوحدة العربية في مواجهة الأزمة يعكس عمق التحديات التي تواجه المنطقة.
وتابع سلامة أن النظام الإقليمي العربي يعاني من انقسامات عميقة تفاقمت بسبب صراعات إقليمية مثل الحرب في اليمن، والأزمة السورية، بالإضافة إلى التوترات المستمرة بين دول الخليج وإيران. وأكد أن غياب آليات فعالة في جامعة الدول العربية قد ساهم في تفاقم هذه الأزمات، مشيرًا إلى أن التدخلات الخارجية قد زادت من ضعف قدرة الدول العربية على التصدي لهذه التحديات. جامعة الدول العربية بحاجة إلى إصلاحات جذرية لتفعيل دورها في حل النزاعات.
وقال سلامة إن هذا الوضع يعكس بوضوح غياب "رؤية عربية موحدة وقدرة جماعية" على التأثير في مسار الأحداث الإقليمية الكبرى، مما يزيد من شعور المنطقة بالضعف أمام القوى الإقليمية الأخرى. وأضاف أن التصعيد الإسرائيلي الإيراني وضع الدول العربية في موقف صعب، حيث يخشى البعض أن تتحول المنطقة إلى ساحة خلفية لهذا الصراع أو أن تضطر الدول العربية إلى الانحياز لأحد الأطراف، مما قد يعمق من الاستقطابات الداخلية ويولد توترات جديدة. الدول العربية تواجه خطر التحول إلى ساحة صراع إقليمي.
كما تحدث سلامة عن التبعات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنجم عن هذا التصعيد، لاسيما من خلال تقلبات أسعار النفط أو تعطيل الملاحة في الممرات المائية الحيوية، مما يزيد من الضغوط على اقتصادات المنطقة التي تعاني بالفعل من تحديات كبيرة. وأوضح أن هذه التحديات تساهم في زيادة هشاشة البنية الاجتماعية في الدول العربية، مما يخلق بيئة خصبة للمزيد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية.
واعتبر سلامة أن المنطقة بحاجة إلى رؤية عربية موحدة تتجاوز الانقسامات الراهنة، لتحسين القدرة على التعامل مع الأزمات الإقليمية وتفادي المزيد من التصعيدات التي تهدد الاستقرار الأمني والاقتصادي في العالم العربي. الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة مهدد بالتصعيدات المستمرة.