تمت إعادة دمشق إلى الحضن العربي بعد عزلة دامت 12 عاماً بسبب الصراع مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتحقق هذا بعد الجولة التي قام بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وزيارته لعدة عواصم عربية في شهر أبريل، بدايةً من مصر.
بعد عزلة دامت 12 عامًا بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمحيط العربي، أصبحت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية مسألة وقت، حيث تجري حاليًا تحركات حثيثة لإلغاء القرار الذي صدر في عام 2011 وإنهاء تلك السنوات العجاف، وبعد زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لعدد من العواصم العربية، من المتوقع أن تكلل تلك الجهود بالنجاح خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد أن صرح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية بأن وزير الخارجية سامح شكري سيتوجه إلى العاصمة الأردنية عمان للمشاركة في اجتماع اللجنة المشكلة من مصر والأردن والسعودية والعراق حول سوريا.
سيجتمع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية والعراق في العاصمة الأردنية عمان في اجتماع للجنة تناقش سبل التعامل مع الأزمة السورية، بما في ذلك تعزيز تضامن الدول العربية مع الشعب السوري في تجاوز محنته، ومن المقرر أن تناقش اللجنة تطورات إقليمية لافتة منذ الاتفاق الثلاثي بين إيران والسعودية والصين، تتجلى تداعياتها في الملف السوري، ومن المتوقع أن تكلل الجهود المبذولة لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بالنجاح خلال الأيام المقبلة.
مصر كانت البداية
قد صرح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال اجتماعه مع نظيره السوري في وقت سابق من هذا الشهر، بأن التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية ستساهم في وضع حد للتدخلات الخارجية في الشأن السوري، وستؤدي إلى استعادة الأمن والاستقرار في البلاد، وبالتالي ستخفف المعاناة عن الشعب السوري وتنهي الأزمة، مما سيساهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة العربية والوطن العربي بشكل عام، وقد زار شكري سوريا الشهر الماضي ليعبر عن تضامن مصر مع سوريا بعد الزلزال الذي ضرب البلاد في فبراير، وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكد شكري أيضًا أهمية إحياء العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية وفقًا للقرارات الدولية وحفظ وحدة البلاد وإنهاء جميع صور الإرهاب والتدخل الأجنبي بها.
كسرت الإمارات العزلة عام 2018
تحدث النص عن دور الحضارة الإماراتية في كسر عزلة سوريا وتمكينها من العودة إلى الحضن العربي، وذلك بفضل المبادرة الإماراتية التي بدأت في عام 2018 بعد افتتاح سفارة في دمشق، وتم تبادل الزيارات بين سوريا وعدة دول عربية بفضل هذه المبادرة، وهو ما ظهر جلياً في الحراك اللا معلن بين دمشق وبقية الدول، ويتضح أن هذه المبادرة فتحت الأفق أمام العلاقات السورية – السعودية، والتي تمثلت في الاتفاق السعودي – الإيراني بعد سنوات من القطيعة والتشاحُن المدعوم أمريكيّاً منذ ما بعد كوينسي 1945، ويعد هذا التطور مشهدًا رائعًا يفتح الأفاق لعلاقات أكثر تعاونًا وتقاربًا بين الدول العربية.
السعودية ودول أخرى مع الزيارات المتبادلة
بعد انقضاء فترة الانعزال التي دامت لمدة 12 عامًا، قام وزير الخارجية السوري بزيارة المملكة العربية السعودية في بداية شهر أبريل، وقد تسببت هذه الزيارة في تحول في سياسة الخارجية السعودية، وتم إصدار بيان صحفي مشترك بعد زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للمملكة، يشير إلى أن الزيارة تركزت على مناقشة جهود تحقيق حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وهويتها العربية.
تحول الجزائر
تحافظ الجزائر على علاقات دبلوماسية مع سوريا، حيث لم تقطع العلاقات أبدًا ولم تغلق سفارتها في دمشق، وتعد زيارة وزير الخارجية السوري للجزائر في أبريل الماضي ثاني زيارة خلال أقل من عام، وهو ما يشير إلى تحول الشعرة المعاوية إلى حبل وصال بين البلدين، كما بذلت الجزائر جهوداً لإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية وإشراك سوريا في القمة العربية التي عقدت في نوفمبر الماضي، وهو ما قد يصبح أسهل مع القمة العربية القادمة، يرى المسئولون الجزائريون أن حركة التمرد المسلح التي شهدتها الجزائر في التسعينيات كانت المقدمة لما حدث في سوريا، وأن الجزائر وسوريا كانتا تقاتلان نفس الأعداء.
تونس
تم إصلاح العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وتونس بعد 12 عامًا من القطيعة، حيث تم افتتاح سفارة رسمية في العاصمة التونسية، يأتي ذلك في إطار حرص الرئيس التونسي على إعادة العلاقات بين البلدين، وذلك بسبب التقارب السياسي الذي حدث في تونس بعد الإطاحة بحزب النهضة، وهو الحزب الذي كان يتبع الإسلام السياسي، وهو ما أدى إلى تحسين العلاقات بين البلدين، ترتبط هذه الخطوة بتقارب سياسي جديد نتيجة للتغيرات السياسية الحاصلة داخل تونس بعد إطاحة حزب النهضة، الذي يتمتع بصلة قوية بالإسلام السياسي، والذي يشبه الطرف الذي حاربته سوريا، حسب ما يشير إليه العديد من المراقبين.
تتوقع العلاقات الدبلوماسية الجديدة بين تونس وسوريا تعزيز التبادل التجاري الاقتصادي والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى مجالات مكافحة الإرهاب، حيث تعج السجون السورية بالإرهابيين التونسيين، تعد تونس من بين الدول التي تتعاون بشكل كبير في المجال التجاري مع سوريا، ويتركز هذا التعاون بشكل خاص على صادرات المنتجات التحويلية والفوسفات، كما يوجد في تونس جالية كبيرة من الطلاب السوريين الذين يدرسون في مجالات متعددة، من بينها الفنون والعلوم الإنسانية، مما يعكس العلاقات الوطيدة بين البلدين.