أكمل حجاج بيت الله الحرام اليوم شعيرة رمي الجمرات الثلاث في ثاني أيام التشريق، وسط أجواء إيمانية روحانية وتنظيم دقيق. شاركت فيه مختلف الجهات الحكومية والأمنية والصحية والخدمية لتسهيل تحركات ضيوف الرحمن وضمان أدائهم للمناسك بسلام ويسر.
وقد تدفقت جموع الحجاج إلى منشأة الجمرات في مشعر منى منذ ساعات الصباح الأولى لرمي الجمرات الصغرى والوسطى والكبرى وفق الجدول الزمني المحدد مسبقًا لحركة التفويج.
سارت العملية بانسيابية لافتة وبمستوى عالٍ من الالتزام من قبل الحجاج الذين حرصوا على اتباع التعليمات الصحية والتنظيمية الصادرة عن الجهات المعنية.
ساهمت البنية التحتية الحديثة لمنشأة الجمرات في تسهيل عملية التنقل والرمي، إذ تضم المنشأة عدة طوابق مخصصة لتوزيع كثافة الحجاج وتخفيف الضغط على الممرات، ما ساعد على تلافي أي اختناقات بشرية أو ازدحام يعيق الأداء السلس للشعيرة.
تولت فرق تنظيم الحشود الإشراف على مسارات الدخول والخروج، فيما انتشرت فرق الإسعاف والخدمات الطبية على طول الطرق المؤدية إلى الجمرات تحسبًا لأي طارئ صحي.
تأتي شعيرة رمي الجمرات كواحدة من أبرز المناسك التي يؤديها الحجاج خلال أيام التشريق الثلاثة، حيث يُرمى كل من الجمرات الصغرى والوسطى والكبرى بسبع حصيات، في تجسيد رمزي لمعاني التطهر والتجرد من الذنوب والانتصار على النفس.
ويحرص الحجاج بعد إتمام الرمي على التوجه للدعاء والتضرع، إذ تغمرهم مشاعر الطمأنينة والرضا وهم ينهون أحد أبرز محطات الحج الروحية. ورغم حرارة الشمس التي بلغت ذروتها، واصل الحجاج مناسكهم بإرادة قوية وشغف نابع من الإيمان العميق، في مشهد يعكس عظمة هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
أعرب عدد من الحجاج، عن ارتياحهم وسعادتهم بإتمام هذه المرحلة من مناسك الحج، مثمنين الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في سبيل راحة الحجاج.
"أشعر بأني أعيش لحظة تاريخية في حياتي، التنظيم الرائع أسهم في أداء المناسك دون عناء يذكر. عملية الرمي كانت أكثر سهولة مما كنت أتخيله، بفضل التوجيهات التي نتلقاها في كل خطوة."
بدورها أكدت حاجة أخرى أن ما تعيشه هذه الأيام هو تجربة إيمانية لا تُقارن، وأن أداء مناسك الرمي بهذه السهولة والانسيابية خفف عنها كثيرًا من التوتر، خاصة وأنها تحج للمرة الأولى. وأشارت إلى أن التنظيم النسائي أسهم أيضًا في راحة النساء وتوجيههن طوال الوقت.
مع انتهاء الحجاج من رمي الجمرات في ثاني أيام التشريق، يتجه من يختارون التعجل إلى الاستعداد لمغادرة منى قبل غروب الشمس، بعد أن أتموا مناسكهم الأساسية، بينما يفضل آخرون البقاء لليوم الثالث استكمالًا للسنة النبوية، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى".
وتواصل الجهات المختصة في المشاعر المقدسة جهودها المكثفة في تقديم كافة الخدمات اللوجستية والطبية والتوعوية لحجاج بيت الله الحرام، في إطار خطة شاملة تضمن الحفاظ على سلامتهم حتى مغادرتهم المشاعر بعد إتمام مناسك الحج.
وبينما تقترب مناسك الحج من مراحلها الختامية، يشعر الحجاج بشيء من الحنين إلى هذه اللحظات الروحية التي عاشوها في منى وعرفات ومزدلفة، ويملأ قلوبهم الامتنان لأن كُتب لهم أداء هذا الركن العظيم، وسط خدمات وإمكانات تعكس قدرة المملكة على إدارة الحشود في واحد من أعقد التجمعات البشرية في العالم.
وهكذا، يمضي الحجاج في ختام يومهم وقد أكملوا شعيرة الرمي في ثاني أيام التشريق، وهم أكثر قربًا من ختام هذه الرحلة التي ستبقى محفورة في الذاكرة، وقد تطهرت فيها الأرواح وتجددت العزائم وارتفعت القلوب إلى السماء بدعاء لا ينقطع.