يمثل المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية هيكلاً قيادياً وروحياً بالغ الأهمية، فهو يعتبر نبض الكنيسة ومركز اتخاذ القرارات المصيرية التي تؤثر في حياة الأقباط في مصر والعالم. يضم المجمع نخبة من الأساقفة والمطارنة والبابا، ويتولى مسؤولية الحفاظ على العقيدة القويمة وتوجيه الكنيسة في مختلف المجالات الروحية والرعوية والاجتماعية. يُعد المجمع المقدس السلطة العليا في الكنيسة بعد البابا، ويساهم بشكل فعال في صياغة السياسات الكنسية والإشراف على تنفيذها، مما يجعله عنصراً أساسياً في استقرار الكنيسة ونموها.
شروط اختيار الأسقف في المجمع المقدس
يخضع اختيار الأساقفة لعضوية المجمع المقدس لمعايير دقيقة وشروط محددة تضمن اختيار الأكفاء القادرين على تحمل المسؤولية. تتضمن هذه الشروط خمسة عناصر أساسية: أولاً، الإيمان القويم والالتزام بتعاليم الكنيسة. ثانياً، السيرة الحسنة والقدوة الصالحة في الحياة الروحية والأخلاقية. ثالثاً، العلم والمعرفة اللاهوتية الكافية. رابعاً، القدرة على القيادة والإدارة الرشيدة. خامساً، محبة الشعب والقدرة على التواصل الفعال معهم. تضمن هذه الشروط اختيار من هم جديرون بثقة الكنيسة وشعبها، والقادرين على خدمة الكنيسة بأمانة وإخلاص. يتم فحص هذه الشروط بدقة قبل الموافقة على سيامة أي أسقف.
أبرز لجان المجمع المقدس ومهامها
يتكون المجمع المقدس من عدة لجان متخصصة، كل لجنة تتولى مسؤولية معينة تساهم في تسيير شؤون الكنيسة. من أبرز هذه اللجان: لجنة الإيمان والتعليم، التي تتولى مسؤولية الحفاظ على العقيدة القويمة ومواجهة البدع والهرطقات. لجنة الرعاية الاجتماعية، التي تهتم بشؤون الفقراء والمحتاجين وتقديم المساعدات اللازمة لهم. لجنة العلاقات العامة والإعلام، التي تتولى مسؤولية التواصل مع وسائل الإعلام والجمهور وشرح مواقف الكنيسة في القضايا المختلفة. لجنة شؤون الأديرة، التي تشرف على الأديرة وتضمن سير الحياة الرهبانية وفقاً للتقاليد الكنسية. تعتبر هذه اللجان بمثابة الأذرع التنفيذية للمجمع المقدس، وتساهم في تحقيق أهدافه ورسالته.
يلعب المجمع المقدس دوراً حيوياً في الحفاظ على وحدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية واستقرارها. من خلال قراراته وتوجيهاته، يساهم المجمع في حل المشاكل والخلافات التي قد تنشأ داخل الكنيسة أو بينها وبين الكنائس الأخرى. كما يحرص المجمع على تعزيز التعاون بين الكنيسة والدولة في مختلف المجالات التي تخدم المجتمع. إن المجمع المقدس هو صمام الأمان للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو الضامن لاستمرارها في أداء رسالتها الروحية والاجتماعية على أكمل وجه. يتم ذلك من خلال الحفاظ على التراث القبطي الأصيل، وتطويره ليلائم متطلبات العصر الحديث.
في الختام، يظل المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية مؤسسة محورية في حياة الأقباط، فهو يمثل الصوت الجامع للكنيسة ومرجعيتها الروحية والقانونية. من خلال قيادته الحكيمة وتوجيهاته السديدة، يساهم المجمع في بناء مجتمع أفضل ونشر قيم المحبة والسلام والتسامح بين الناس. إن دور المجمع المقدس لا يقتصر على الشؤون الدينية فقط، بل يمتد ليشمل كافة جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، مما يجعله شريكاً فاعلاً في بناء مستقبل مصر والعالم. ويحرص المجمع على مواكبة التطورات الحديثة، مع الحفاظ على الأصالة والتقاليد العريقة للكنيسة القبطية.