يشهد سوق النحاس في مصر تقلبات ملحوظة في الأسعار، مدفوعة بعوامل متعددة تتصدرها حركة الأسعار في البورصات العالمية وتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي. يعتبر النحاس من المعادن الأساسية التي تدخل في صلب العديد من الصناعات الحيوية في مصر، بدءًا من الصناعات الهندسية والمعدنية وصولًا إلى قطاعات البناء والتشييد، مما يجعله سلعة استراتيجية ذات تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني. وتخضع أسعار النحاس في السوق المحلية لتأثيرات خارجية قوية، أبرزها أسعار التداول في بورصة لندن للمعادن (LME)، والتي تعتبر مرجعًا عالميًا لتسعير هذه السلعة.

 

تتأثر أسعار النحاس في مصر بشكل كبير بتقلبات سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي. فمع تراجع قيمة الجنيه، يرتفع سعر النحاس المستورد بالعملة المحلية، مما ينعكس على تكلفة الإنتاج في مختلف الصناعات التي تعتمد عليه. هذا الارتفاع يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار المنتجات النهائية التي تصل إلى المستهلك، مما يساهم في زيادة الضغوط التضخمية التي يعاني منها الاقتصاد المصري. ووفقًا لمتعاملين في السوق، فإن ضعف الجنيه يمثل تحديًا كبيرًا أمام الشركات والمصانع التي تعتمد على استيراد النحاس، حيث يضطرون إلى دفع مبالغ أكبر بالعملة المحلية للحصول على نفس الكمية من المعدن.

 

تتفاوت أسعار النحاس في السوق المصرية بناءً على عدة عوامل، أهمها نوع النحاس (جديد أو خردة)، ودرجة نقائه وجودته. فقد سجل سعر كيلو النحاس الأصفر الخردة ما بين 280 و300 جنيه مصري، بينما تراوح سعر كيلو النحاس الخالص بين 330 و400 جنيه مصري. أما النحاس المخلوط، فقد سجل سعر الكيلو الواحد منه ما بين 280 و300 جنيه مصري. ويحظى النحاس الأحمر بتقدير خاص في السوق، حيث بلغ سعر الكيلو الواحد من النحاس الأحمر اللامع حوالي 550 جنيه مصري، في حين وصل سعر كيلو النحاس الأحمر الخردة إلى ما بين 240 و280 جنيه مصري. وسجل سعر كيلو النحاس الأحمر الخشن حوالي 548 جنيه مصري، بينما بلغ سعر كيلو النحاس الأحمر الناعم حوالي 530 جنيه مصري.

 

في الأسواق العالمية، سجل سعر طن النحاس اليوم 47390 دولارًا أمريكيًا. هذا السعر العالمي يمثل نقطة ارتكاز أساسية لتسعير النحاس في السوق المصرية، مع الأخذ في الاعتبار تكاليف الشحن والتأمين والرسوم الجمركية، بالإضافة إلى سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار. ويراقب المتعاملون في السوق المصرية عن كثب حركة الأسعار في البورصات العالمية، ويتوقعون أن تستمر التقلبات في الأسعار خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار حالة عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي.

 

ختامًا، يظل النحاس سلعة حيوية للاقتصاد المصري، وتتأثر أسعاره بعوامل داخلية وخارجية. ويتطلب التعامل مع هذه التقلبات اتخاذ تدابير استباقية من قبل الشركات والمصانع العاملة في القطاعات التي تعتمد على النحاس، مثل تنويع مصادر التوريد والتحوط من مخاطر تقلبات الأسعار. كما يتطلب الأمر من الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات لدعم الصناعات المحلية التي تعتمد على النحاس، من خلال توفير التمويل اللازم وتسهيل إجراءات الاستيراد، بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار وتقليل الأثر السلبي لتقلبات السوق على الاقتصاد الوطني.