مع اقتراب المناسبات الاجتماعية والأعياد، يتربع لحم الضأن على عرش الموائد كطبق رئيسي لا غنى عنه في العديد من الثقافات، فهو يمثل رمزاً للكرم والاحتفال. ورغم مذاقه الشهي وقيمته الغذائية العالية كونه مصدراً غنياً بالبروتين والحديد وفيتامين ب12، إلا أن الإفراط في تناوله أو إعداده بطرق غير صحية قد يحمل في طياته بعض المخاطر الصحية، خصوصاً على صحة القلب والشرايين والجهاز الهضمي.

 

لذا، يقدم خبراء التغذية مجموعة من الإرشادات والنصائح الهامة التي تمكنكِ من الاستمتاع بهذا الطبق التقليدي مع الحفاظ على صحتك ورشاقتك، وتحويله من وجبة دسمة قد تسبب المتاعب إلى عنصر مغذٍ ضمن نظام غذائي متوازن.

 

مخاطر صحية محتملة للإفراط في تناول لحم الضأن

يكمن الخطر الرئيسي في لحم الضأن في محتواه المرتفع من الدهون المشبعة والكوليسترول، خاصة في بعض القطعيات مثل الضلوع واللية. إن الاستهلاك المفرط لهذه الدهون يرتبط بشكل مباشر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يساهم في ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، مما قد يؤدي إلى تصلب الشرايين وزيادة العبء على القلب.

 

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر لحم الضأن من اللحوم الغنية بالبيورينات، وهي مركبات كيميائية تتحلل في الجسم لتكوّن حمض اليوريك. ارتفاع مستويات هذا الحمض يمكن أن يسبب نوبات مؤلمة من مرض النقرس، خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة به.

 

كما أن طبيعته الدسمة قد تشكل عبئاً على الجهاز الهضمي، مسببةً عسر الهضم، والانتفاخ، والإمساك لدى البعض.

 

إرشادات الخبراء لاختيار وطهي لحم الضأن بطريقة صحية

تبدأ رحلة الاستمتاع الصحي بلحم الضأن من خطوة الاختيار. يوصي خبراء التغذية بالتوجه نحو القطعيات الأقل دهوناً، مثل لحم الفخذ أو الكتف، والابتعاد قدر الإمكان عن الأجزاء التي تتركز فيها الدهون بشكل واضح. قبل الطهي، من الضروري إزالة أكبر قدر ممكن من الدهون والشحوم البيضاء الظاهرة بالعين المجردة.

 

أما بالنسبة لطريقة الطهي، فهي تلعب دوراً محورياً في تحديد مدى صحية الوجبة يُنصح بالاعتماد على أساليب الطهي الصحية التي تساهم في التخلص من جزء كبير من الدهون، مثل الشوي على الشبك، أو السلق، أو الطهي في الفرن (التحمير)، مع وضع اللحم على رف شبكي للسماح للدهون بالتقاطر بعيداً.

 

يجب تجنب القلي العميق أو استخدام كميات كبيرة من السمن والزيت، فهذه الطرق تزيد من السعرات الحرارية والدهون المشبعة بشكل كبير.

 

الاعتدال هو المفتاح: الكمية المثالية وأهمية التوازن الغذائي

إن مبدأ الاعتدال هو حجر الزاوية في أي نظام غذائي صحي. لا يعني وجود لحم الضأن على المائدة ضرورة تناول كميات كبيرة منه. ينصح الخبراء بأن لا تتجاوز الحصة الغذائية للشخص البالغ حوالي 100 إلى 150 جراماً من اللحم الصافي (بحجم كف اليد تقريباً). لتحقيق وجبة متكاملة ومتوازنة، يجب الحرص على ملء الجزء الأكبر من الطبق بالأطعمة النباتية الغنية بالألياف.

 

يُعد طبق السلطة الخضراء الكبير، المكون من الخس والخيار والطماطم والفلفل الملون، رفيقاً مثالياً للحم الضأن، حيث تساهم الألياف الغذائية في تعزيز الشعور بالشبع، وتسهيل عملية الهضم، وتقليل امتصاص الدهون والكوليسترول.

 

كما أن تناول الخضروات المطهوة على البخار أو المشوية، مثل البروكلي والكوسا والجزر، يضيف قيمة غذائية عالية للوجبة دون سعرات حرارية إضافية.

 

تؤكد الدكتورة لمياء منصور، استشارية التغذية العلاجية، قائلة: "لا داعي للحرمان من الأطباق التقليدية التي نحبها، بل يجب التعامل معها بذكاء ووعي. يمكن للمرأة أن تلعب دوراً أساسياً في حماية صحة أسرتها من خلال تبني عادات طهي صحية، والتركيز على التوازن في الوجبة. إن تقديم طبق من لحم الضأن المشوي بجانب تشكيلة واسعة من السلطات والخضروات الملونة، مع التشجيع على شرب كميات وافرة من الماء، يحول الوجبة الاحتفالية إلى فرصة للتغذية السليمة والمتعة دون الشعور بالذنب أو الخوف من العواقب الصحية."

 

في الختام، يمكن دمج لحم الضأن في نظامك الغذائي بشكل آمن وصحي من خلال اتباع هذه الإرشادات البسيطة. إن الاختيار الواعي لقطعيات اللحم، وإزالة الدهون الزائدة، واعتماد طرق الطهي الصحية، والالتزام بالكميات المعتدلة، مع إثراء الوجبة بالألياف من الخضروات والسلطات، كلها استراتيجيات فعالة لتجنب الأضرار المحتملة.

 

تذكري دائماً أن صحتك هي استثمارك الأثمن، وأن اتخاذ قرارات غذائية مستنيرة هو أفضل وسيلة للحفاظ عليها والاستمتاع بكل لحظات الحياة ومناسباتها السعيدة.