شهدت حديقة الأزهر بالقاهرة، في ثاني أيام عيد الفطر المبارك، إقبالاً جماهيرياً غير مسبوق، كان الشباب هم العنصر الأبرز فيه، حيث تحولت المساحات الخضراء الشاسعة والتلال المورقة إلى مسرح حيوي للاحتفالات واللقاءات الودية. منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، بدأت الوفود الشبابية تتدفق على بوابات الحديقة، حاملين معهم مظاهر البهجة والسرور التي عمت أرجاء المكان.
وقد شكل هذا الإقبال الكثيف دليلاً واضحاً على مكانة الحديقة كمتنفس رئيسي ومقصد ترفيهي مفضل لسكان العاصمة، خاصة في المناسبات والأعياد، لما توفره من بيئة آمنة وجمال طبيعي يطل على بانوراما القاهرة التاريخية الساحرة.
مشاهد احتفالية تعكس بهجة العيد
على امتداد البصر، انتشرت مجموعات الأصدقاء والشباب في أرجاء الحديقة، متخذين من العشب الأخضر مكاناً للجلوس وتبادل الأحاديث والضحكات. كانت الهواتف المحمولة حاضرة بقوة لتوثيق اللحظات السعيدة والتقاط الصور التذكارية "السيلفي" مع الأصدقاء، بينما كانت خلفية المشهد تجمع بين قلاع القاهرة التاريخية والمساحات الخضراء المنسقة بعناية.
ولم تقتصر الأنشطة على الجلوس والاستمتاع بالطبيعة فحسب، بل انخرط الكثيرون في ألعاب جماعية خفيفة، فيما فضل آخرون التجول بين الممرات المرصوفة واكتشاف زوايا الحديقة المختلفة. وقد عكست هذه الأجواء روح الألفة والمشاركة المجتمعية التي يتميز بها العيد، مؤكدةً على دور الأماكن العامة المفتوحة في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الشباب.
شهادات حية من قلب الحدث
في خضم هذا الزحام الاحتفالي، عبر العديد من الشباب عن سعادتهم باختيار حديقة الأزهر لقضاء يومهم. يقول كريم محمود، طالب جامعي يبلغ من العمر 21 عاماً، وهو يجلس مع مجموعة من أصدقائه:"بعد صلاة العيد وأداء الواجبات العائلية في اليوم الأول، اتفقنا على أن يكون اليوم الثاني لنا. حديقة الأزهر هي الخيار الأمثل دائماً؛ فهي تجمع بين المساحة الواسعة والهواء النقي، وتكلفتها مناسبة جداً لنا كطلاب. نشعر هنا بالحرية والانطلاق بعيداً عن صخب المقاهي والأماكن المغلقة."
وتشاركه الرأي سارة علي، خريجة حديثة، التي أضافت:"الأجواء هنا رائعة وآمنة للغاية. وجود العائلات والشباب معاً في مكان واحد منظم يخلق شعوراً بالراحة. إنها فرصة ممتازة للقاء الأصدقاء الذين لم نرهم منذ فترة بسبب انشغالات الدراسة والعمل، والاحتفال بالعيد في مكان يبعث على البهجة."
تنظيم وإجراءات استثنائية لمواجهة الزحام
لم يكن هذا النجاح وليد الصدفة، فقد استعدت إدارة حديقة الأزهر بشكل مكثف لاستقبال هذه الأعداد الغفيرة. لوحظ انتشار أفراد الأمن بشكل منظم في كافة أرجاء الحديقة لضمان سلامة الزوار وتوجيههم، فضلاً عن تكثيف جهود عمال النظافة للحفاظ على المظهر الجمالي للمكان على مدار اليوم.
وقد تم تطبيق إجراءات تنظيمية دقيقة عند البوابات لتسهيل عملية الدخول ومنع التكدس، مما ساهم في انسيابية الحركة داخل الحديقة رغم كثافة الحضور. وأكد مصدر مسؤول بإدارة الحديقة أن الخطة التشغيلية للعيد تضمنت زيادة عدد العاملين في مختلف الأقسام، مع توفير نقاط إضافية للإسعافات الأولية تحسباً لأي طارئ، وهو ما ضمن تجربة ممتعة وآمنة لجميع الرواد.
الأزهر بارك.. أكثر من مجرد حديقة
في الختام، يؤكد الإقبال التاريخي في ثاني أيام العيد على أن حديقة الأزهر لم تعد مجرد متنزه تقليدي، بل تحولت إلى أيقونة اجتماعية وثقافية في قلب القاهرة. إن قدرتها على جذب شرائح متنوعة من المجتمع، وفي مقدمتهم الشباب، تجعلها نموذجاً ناجحاً للمشروعات التي تدمج بين الحفاظ على التراث وتوفير مساحات ترفيهية حديثة.
ومع استمرار عطلة العيد، من المتوقع أن تواصل الحديقة استقبال المزيد من الزوار الباحثين عن جرعة من الجمال الطبيعي والهدوء النسبي والبهجة المجتمعية. لقد أثبتت الحديقة أنها رئة القاهرة التي يتنفس من خلالها سكانها، ووجهة لا غنى عنها لرسم ذكريات الأعياد السعيدة.