تستقبل الأمة الإسلامية عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى بحلول نفحات إيمانية تملأ القلوب، وتتجلى هذه النفحات في أبهى صورها بأداء صلاة العيد، تلك السنة النبوية المؤكدة التي حث عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر الرجال والنساء على السواء بالخروج إليها، إظهارًا للفرحة والبهجة بهذه المناسبة العظيمة، وتجديدًا للعهد مع الله عز وجل.
تعتبر صلاة العيد من الشعائر الدينية البارزة في الإسلام، حيث يجتمع المسلمون في المساجد والساحات العامة لأدائها، وتوحيد الدعاء والابتهال إلى الله تعالى، بأن يتقبل منهم صيامهم وقيامهم، وأن يعيده عليهم بالخير واليمن والبركات.
وتتميز صلاة العيد بخصوصيتها من حيث التوقيت والكيفية، حيث تؤدى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وتشتمل على تكبيرات زائدة في الركعة الأولى والثانية، بالإضافة إلى خطبة العيد التي يلقيها الإمام بعد الصلاة، والتي تتضمن التذكير بأحكام العيد وآدابه، وحث المسلمين على التآخي والتراحم والتكافل الاجتماعي.
وقد وردت أحاديث نبوية شريفة تؤكد على أهمية صلاة العيد وفضلها، وتحث على حضورها والمشاركة فيها. فقد روى البخاري ومسلم عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى".
وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على أن يحضر صلاة العيد جميع المسلمين، رجالًا ونساءً، حتى الفتيات الصغيرات والنساء اللاتي يعتزلن الصلاة بسبب الحيض، وإن كن لا يصلين، فإنهن يشهدن الخير ودعوة المسلمين.
إن الحرص على أداء صلاة العيد ليس مجرد امتثال لأمر نبوي، بل هو تعبير عن الفرحة والابتهاج بقدوم العيد، وإظهار للشكر والامتنان لله تعالى على نعمه وفضله كما أنها فرصة لتوحيد صفوف المسلمين وتجديد أواصر المحبة والأخوة بينهم، وتقوية الروابط الاجتماعية والتكافل فيما بينهم. ففي صلاة العيد يلتقي المسلمون من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية، ويتصافحون ويتبادلون التهاني والتبريكات، مما يزيد من الألفة والمودة بينهم.
وفي الختام، ندعو جميع المسلمين إلى الحرص على أداء صلاة العيد في وقتها، والمشاركة فيها بقلوب خاشعة ونفوس مطمئنة، وأن يستشعروا عظمة هذه الشعيرة الدينية وفضلها، وأن يجعلوها مناسبة للتوبة والاستغفار والعودة إلى الله تعالى، وأن يغتنموا أيام العيد في فعل الخيرات وصلة الأرحام والتصدق على الفقراء والمساكين، وأن يعيشوا فرحة العيد بصدق وإخلاص، وأن يعكسوا قيم الإسلام السمحة في معاملاتهم وأخلاقهم، وأن يكونوا قدوة حسنة لغيرهم من الناس فصلاة العيد سنة نبوية مؤكدة، وحضورها دليل على الإيمان والتقوى.