حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين من الأضرار الاقتصادية العالمية المحتملة الناجمة عن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، مؤكدة أن تصاعد وتيرة الصراع بين إيران وإسرائيل يفتح الباب لتأثيرات وخيمة على الاقتصاد العالمي على المديين القصير والمتوسط. يأتي هذا التحذير في ظل قلق متزايد بشأن تداعيات الصراع على أسواق المال والطاقة، خاصة بعد أن شهدت البورصات العالمية اضطرابات ملحوظة عقب اندلاع المواجهات المباشرة بين البلدين. وتتزايد المخاوف من امتداد الصراع وتأثيره على سلاسل التوريد وارتفاع أسعار النفط، مما قد يؤدي إلى موجة تضخمية جديدة تعرقل جهود التعافي الاقتصادي العالمي.

 

الحرب الإسرائيلية الإيرانية تربك البورصات وتشعل المخاوف العالمية

 

أكد خبراء سوق المال أن اندلاع الحرب المباشرة بين إسرائيل وإيران جاء كصدمة ثقيلة للأسواق المالية العالمية، التي لم تكن قد تعافت بالكامل من تداعيات الأزمات المتلاحقة، من جائحة كورونا إلى الحرب الروسية الأوكرانية. ومع إطلاق أولى الصواريخ وتبادل الضربات، كان ردّ فعل البورصات العالمية سريعًا وحادًا، حيث بدأت مؤشرات الأسهم في التراجع وسط موجات بيع واسعة يقودها الذعر وعدم اليقين. المستثمرون في العادة لا يحبون المفاجآت، وخصوصًا تلك ذات الطابع الجيوسياسي، ومع تصاعد الحرب بين قوتين لهما تأثيرات إقليمية واسعة وتحالفات متشابكة، ارتفعت درجة الخطر في نظر الأسواق.

 

المخاوف لا تتعلق فقط بامتداد الحرب إلى دول أخرى، بل أيضًا بما قد يترتب عليها من تأثيرات اقتصادية غير مباشرة، مثل ارتفاع أسعار النفط، اضطرابات في سلاسل التوريد، ومخاطر تضخمية إضافية. البورصات الأمريكية والأوروبية سجّلت انخفاضات فورية مع بداية التصعيد، وسط هروب جماعي نحو الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الأمريكية. كما شهدت الأسواق الآسيوية اضطرابًا ملحوظًا، خاصة في اليابان وكوريا الجنوبية، حيث تنامت المخاوف من تكرار سيناريوهات أزمات إقليمية تضر بثقة المستثمرين وتعطل تدفقات التجارة. قطاع التكنولوجيا كان من أكبر المتضررين، إذ يُنظر إليه على أنه شديد الحساسية للتحولات الاقتصادية، كما أن كثيرًا من شركاته تعتمد على استقرار حركة التجارة العالمية. وفي المقابل، بدأت أسهم شركات الطاقة والدفاع تسجّل مكاسب قوية، في استجابة تقليدية للطلب المتزايد على النفط والتسلّح في أوقات الحرب.

 

النفط في عين العاصفة، كيف يؤثر التصعيد العسكري على مستقبل الطاقة العالمية؟

 

مع تصاعد وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران، بدأت الأسواق العالمية تشهد اضطرابًا حادًا، خاصة في قطاع الطاقة، حيث سجلت أسعار النفط قفزات ملحوظة فور الإعلان عن اندلاع المواجهات العسكرية المباشرة بين البلدين. وتترقب الأسواق العالمية بقلق بالغ السيناريوهات المحتملة لتصاعد الصراع في واحدة من أكثر المناطق حساسية على خارطة إنتاج ونقل النفط. إيران، باعتبارها من كبار منتجي النفط في منظمة أوبك، تملك مفاتيح تأثير ضخمة على سوق الطاقة العالمي، ليس فقط بفضل احتياطاتها الكبيرة، بل أيضًا من خلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي على مضيق هرمز، الذي تمر عبره نسبة تقارب خمس التجارة العالمية من النفط. القلق الأكبر ينبع من احتمال تطور المواجهة إلى حرب إقليمية أوسع، خاصة مع وجود حلفاء لإيران في العراق، سوريا، لبنان واليمن، والذين قد يتحركون لتهديد منشآت نفطية في الخليج أو استهداف ممرات الشحن، كما حدث في السابق.

 

سجل خام برنت ارتفاعًا حادًا منذ الساعات الأولى للصراع، واقترب في بعض الأوقات من حاجز المئة دولار للبرميل، وسط تداولات مضطربة يغلب عليها الحذر. وتضاعف تأثير الحرب على الأسواق مع التلويح الإيراني بإمكانية استخدام ورقة النفط كورقة ضغط استراتيجية، إما من خلال تقليص صادراتها أو تهديد تدفق النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية. الدول المستهلكة الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، بدأت تستشعر تداعيات التصعيد، حيث تخشى من أن يتسبب ارتفاع أسعار النفط في موجة جديدة من التضخم، تُهدد تعافي الاقتصادات الكبرى بعد سنوات من الأزمات. عودة أسعار الوقود إلى الارتفاع في أوروبا وآسيا قد تضغط على السياسات النقدية، وتُرغم البنوك المركزية على إعادة النظر في توجهاتها بشأن خفض أسعار الفائدة.

 

خسائر متوقعة للبورصة بسبب الأحداث الإقليمية والعالمية وتذبذب المؤشرات

 

مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، لم تكن الأسواق المالية بعيدة عن دائرة التأثر، وعلى رأسها البورصة المصرية التي من المتوقع أنها ستتفاعل مع التطورات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة، نظرًا لحساسية الاقتصاد المصري للأحداث الإقليمية والعالمية. أول تأثير مباشر كان في سلوك المستثمرين، حيث دفع القلق الجيوسياسي عددًا من المستثمرين الأجانب إلى الخروج من الأسواق الناشئة، ومنها البورصة المصرية. هذا الهروب يُترجم غالبًا إلى انخفاض في مؤشرات البورصة الرئيسية، خاصة EGX30، بسبب عمليات بيع مكثفة متوقعة على الأسهم القيادية بحثًا عن ملاذات آمنة كالدولار أو الذهب. الحرب تسببت في ارتفاع ملحوظ بأسعار النفط عالميًا، وهو ما يشكل عبئًا مباشرًا على الموازنة المصرية باعتبار البلاد مستوردًا للطاقة. هذا الارتفاع يزيد من فاتورة الاستيراد، وبالتالي يؤثر سلبيًا على الميزان التجاري وسعر صرف الجنيه، ما ينعكس مباشرة على نفسية المستثمرين في سوق المال.

 

الحرب تسببت في حالة من الترقب في السوق، ما أدى إلى انخفاض السيولة اليومية في التداول، حيث يفضّل المستثمرون تأجيل قراراتهم إلى حين اتضاح الصورة السياسية والعسكرية في المنطقة. البورصة المصرية كجزء من الأسواق الناشئة لا تعمل بمعزل عن الأزمات الجيوسياسية، وحرب إسرائيل وإيران أبرز مثال على ذلك. وقد يكون التأثير مؤقتًا حال انحسار النزاع، لكن استمرار الحرب قد يفاقم الضغوط على سوق المال، ما يتطلب سياسات مالية مرنة ومراقبة لصيقة للتطورات. مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) شهد تقلبات ملحوظة في أعقاب اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.

 

الأسواق العالمية تفاعلت بسرعة مع هذا التطور، مدفوعة بمخاوف المستثمرين من اتساع رقعة الصراع وتأثيراته على سلاسل الإمداد والطاقة. في البداية، هبط المؤشر إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عامين، حيث لامس مستوى 97.6، قبل أن يشهد ارتدادًا حادًا ويصعد إلى ما فوق 98.3، مع اتجاه المستثمرين إلى الدولار كـ"ملاذ آمن" في ظل حالة عدم اليقين. الدولار يعتبر عملة احتياطية عالمية، ويلجأ إليه المستثمرون في أوقات الأزمات. ومن أبرز العوامل التي ساهمت في صعود الدولار، القفزة الكبيرة في أسعار النفط التي تجاوزت 9% بسبب مخاوف من تعطل الإمدادات عبر مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الحيوية لنقل النفط عالميًا. هذا الارتفاع في النفط عزز الدولار، خاصة مقابل عملات الدول المستوردة للطاقة مثل اليابان والهند.

 

يراقب المستثمرون عن كثب رد فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث قد يدفع ارتفاع أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية إلى تأجيل أي خطط لخفض أسعار الفائدة، مما يدعم الدولار على المدى القريب. الحرب بين إيران وإسرائيل أحدثت حالة من القلق العالمي، انعكست مباشرة على الأسواق المالية، وكان الدولار أحد أبرز المستفيدين منها في المدى القصير، مع ترقب مستمر لتطورات المشهد السياسي والاقتصادي العالمي. تشهد الأسواق العالمية اضطرابات حادة مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، ولا يختلف حال سوق العملات المشفرة عن باقي الأسواق المالية، حيث يتأثر بشدة بالعوامل الجيوسياسية، لا سيما في ظل المخاطر المرتفعة وعدم اليقين.

 

في أوقات الأزمات، يلجأ بعض المستثمرين إلى البيتكوين باعتباره “ذهب رقمي”، حيث شهد السوق سابقًا تدفقات استثمارية وقت الأزمات العالمية (مثل غزو روسيا لأوكرانيا). وخلال الأيام الأولى من الحرب، لوحظت تحركات صاعدة في عملات مثل البيتكوين والإيثيريوم، بدعم من مخاوف التضخم وهروب رؤوس الأموال من الأسواق التقليدية. الحرب تزيد من حالة عدم الاستقرار، مما ينعكس على تقلبات كبيرة في أسعار العملات الرقمية، سواء صعودًا أو هبوطًا، بحسب تطورات الميدان وردود الأفعال السياسية والاقتصادية. تصعيد الحرب قد يؤدي إلى عقوبات أمريكية وغربية جديدة تشمل قطاعات مصرفية أو دول متحالفة مع الطرفين، ما يدفع بعض الأطراف للجوء إلى العملات المشفرة كأداة للتمويل أو التحايل على القيود.

 

المستثمرون التقليديون قد يبتعدون مؤقتًا عن الأصول عالية المخاطر مثل العملات الرقمية، مما يؤدي إلى عمليات بيع قصيرة الأجل. إنه إذا استمرت الحرب أو اتسعت رقعتها الإقليمية، من المتوقع أن ترتفع أسعار العملات الكبرى، خاصة البيتكوين، كتحوّط ضد الأزمات. الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد تكون بمنزلة عامل محفز لتحركات قوية داخل سوق العملات الرقمية فبين التقلبات العالية وفرص الملاذ الآمن، تتغير النظرة إلى العملات المشفرة من مجرد أداة مضاربة إلى وسيلة مالية بديلة وقت الأزمات ومع ذلك، تبقى التوقعات مرهونة بتطورات الحرب، ومدى استقرار الأسواق العالمية في وجه هذه العاصفة الجيوسياسية.