شهد مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) تقلبات ملحوظة في أعقاب تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط. تفاعلت الأسواق العالمية بسرعة مع هذه التطورات، مدفوعة بمخاوف المستثمرين من تأثيرات الحرب على سلاسل الإمداد العالمية وأسواق الطاقة. في البداية، تراجع المؤشر إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عامين، حيث لامس مستوى 98.11، مع اتجاه المستثمرين إلى الدولار كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين السائدة.

 

يرى الدكتور محمد حسين، خبير أسواق المال، أن مؤشر الدولار يواجه "عاصفة جيوسياسية جديدة تهدد استقرار الأسواق العالمية" وأضاف:

"مع كل طلقة تُطلق في الشرق الأوسط، ترتجف مؤشرات المال، ويصبح الدولار بصفته الملاذ الآمن الأول في وضع معقد بين جاذبية الهروب من المخاطر وضغط العوامل الاقتصادية والمالية."

ويشير الخبير إلى أن الدولار، نظريًا، يعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، وغالبًا ما يشهد ارتفاعًا في قيمته مقابل العملات الأخرى عندما تتصاعد المخاطر الجيوسياسية.

 

على الرغم من ذلك، كان رد فعل مؤشر الدولار متذبذبًا، حيث واجه ضغطًا من توقعات متزايدة بأن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي (الفيدرالي الأمريكي) بخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، خاصة مع تباطؤ مؤشرات النمو الاقتصادي الأمريكية. هذا التوجه يضعف الدولار بطبيعته، ويحد من مكاسبه الناتجة عن الأزمات السياسية. بالتالي، فإن التفاعل بين المخاوف الجيوسياسية والسياسة النقدية الأمريكية يخلق حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الدولار.

 

وأشار حسين إلى أن الارتفاع في أسعار النفط عزز الدولار، خاصة مقابل عملات الدول المستوردة للطاقة مثل اليابان والهند. كما تراجعت أسواق الأسهم العالمية، خصوصًا الأوروبية والآسيوية، مما دفع المستثمرين إلى التخارج من الأسهم والعودة إلى السندات الأميركية، وهو ما أدى بدوره إلى تعزيز قوة الدولار. في المقابل، تراجعت عملات مثل اليورو والجنيه الإسترليني، متأثرة بتراجع شهية المخاطرة. يعكس هذا التحول في التدفقات الرأسمالية دور الدولار التقليدي كملاذ آمن في أوقات الأزمات.

 

على صعيد السياسة النقدية، يراقب المستثمرون عن كثب رد فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث قد يدفع ارتفاع أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية إلى تأجيل أي خطط لخفض أسعار الفائدة، مما يدعم الدولار على المدى القريب. يختتم الدكتور حسين تحليله بالقول إن الدولار يقف على مفترق طرق بين التوترات الجيوسياسية التي تدعمه كعملة ملاذ، والضغوط الاقتصادية التي تدفع به إلى التراجع.

 

"يبقى المؤشر تحت ضغط مستمر في المرحلة الحالية، وتتجه الأنظار إلى تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية، كونها المحرك الأكبر لأي تغيير مفاجئ في اتجاه الدولار العالمي خلال الأسابيع المقبلة."